Search
القائمة
  1. القائمة الرئيسية
  2. من نحن
  3. أحداث انتخابية سابقة
  4. اتصل بنا
  5. وظائف وعطاءات

مقال: التزكية في الانتخابات … أسلوب ديموقراطي أم إفلاس سياسي؟

ميساء ابوزهيدة

 

في الوقت الذي تتجه فيه معظم دول العالم على اختلاف طابع حكمها السياسي إلى ذاك الصندوق المكعب كوسيلة أولى أو ربما أخيرة لحل كثير من مشاكلها الداخلية والخارجية، وفي الوقت الذي باتت فيه الديموقراطية عبر صناديق الاقتراع الآمر الناهي في كثير من تلك الأوضاع، تظهر كثير من طرق اختيار ممثلي الشعب التي تعتبر عادة "مغلفة بطابع ديموقراطي" مفتقرة للأساس الديموقراطي القائم على الاقتراع كطريق لاختيار الممثلين، ولعل "التزكية" كمصطلح ينطلق إلى الواجهة في كل مرة يعلن فيها عن انتخابات محلية في المدن والقرى الفلسطينية، تعد أحد الطرق أو الأساليب التي تطرح كثير من التساؤلات حولها سواء على الطاولة أو حتى تحتها.

 

فما أن يعلن عن الانتخابات، حتى تفتح لجنة الانتخابات المركزية أبواب مكاتبها أمام القوائم والأفراد لممارسة حقهم بالترشح، لكنها تعود فيما بعد لتغلقها في كثير من المناطق –والقرى بشكل خاص- على قائمة وحيدة أو ربما شخص واحد فقط، رغم الميزانيات الضخمة والخطط التي تضعها في كل المناطق استعداداً لعملية انتخابية قائمة على التعدد وممارسة حق الاختيار للمثلين.

 

وتعتمد التزكية في أساسها على تعيين أحد المرشحين لمنصب ما دون اللجوء إلى انتخابه، بمعنى الاستغناء عن أخذ أصوات المقترعين لمعرفة الفائز بالانتخابات، بل تجري "تزكيته" منهم -أي المقترعين- لتبوؤ المنصب، ولمثل هذه الطريقة عدة مسببات عادة فإما أن المقترعين متفقون على هذا المرشح، أو أنه يتمتع بصفات تؤهله –من وجهة نظرهم أو نظر قوى تحكمهم-  لتبوء المنصب دون منافسة، كأن يكون الأكبر سناً أو أطيبهم سمعة أو أرفعهم قدراً، أو ربما يكون انسحاب المنافسين المرشحين للانتخابات وسيلة لجعل التزكية خياراً أخيراً، فهل هي أسلوب ديموقراطي بلا شوائب أم أنها مجرد أسلوب مغلف بطابع ديموقراطي فقط؟

 

بينما يعتقد البعض بأن التزكية في القرى الفلسطينية عادة أسلوب يقلل عناء العملية الانتخابية أو يؤدي إلى اختيار الشخص الأجدر بالمنصب –أياً كان- دون ضياع المقترعين بين أسماء أخرى غيره، يراه البعض أسلوباً يعبر عن حالة الخواء الكبير الذي يصبغ الحياة السياسية في القرى، فيكون ملاذاً أخيراً بعيداً عن التوهان في أساليب أخرى.

 

وهذا يجعل التزكية -كما ذكرت سابقاً- تثير كثيراً من الجدل في الأوساط السياسية في كل مرة تطرح فيها أوراق الانتخابات على الطاولة، فتارة تجد من يقول أن مثل هذه الطريقة هي الأمثل لتجنب خيارات الأفراد الخاطئة في كثير من الأحيان، وتارة نجد من يرى أن التزكية ليست إلا رمز هيمنة لقوى معينة تجد أنها الأصلح في الحكم فتلجأ إلى إضعاف المنافسين ومن ثم إلغائهم ليكون المرشح المزكى سواء كان قائمة أو شخصاً مسك البقاء والفوز دون منازع.

 

ولعل صورة التزكية في عيون كثيرين تأتي عادة من التصاقها بممارسات الأنظمة المتسلطة، فمثلاً في مصر خلال عهد مبارك كان كبار ذلك النظام يفوزون بالتزكية، وتنتهي الانتخابات قبل أن تبدأ إما بانسحاب المنافسين أو بقاء منافس شكلي كي لا تبقى العملية الانتخابية المفتقدة إلى ملح التنافس دون بهاراتها الشكلية، لكنها تأخذ الشكل الذي رسم لها بالنهاية ويحصل على المناصب من أُريدَ لهم ذلك تحت ظل التزكية.

 

وظل التزكية هذا هو أساس يستظل فيه الأفراد في كثير من القرى الفلسطينية، فنرى كثيراً من الهيئات المحلية لجأت إلى ذاك الظل بدلاً من خوض غمار العملية الانتخابية بتفاصيلها، الأمر الذي أثر فيما بعد على عمل الهيئات المحلية وأثار كثيراً من البلبلة حولها، فخلال الانتخابات المحلية الأخيرة التي أجريت في الثالث عشر من أيار من العام الماضي- 2017- ، فازت 181 هيئة محلية ترشحت في كل منها قائمة واحدة فكانت التزكية الخيار الأوحد، وتعتبر محافظة جنين واحدة من أكثر المناطق التي طفت فيها التزكية على سطح العرس الديموقراطي المحلي، فتم التوافق بالتزكية على 34 هيئة محلية من أصل 57 موقعاً لانتخابات المجالس البلدية والمحلية في المحافظة وفق لجنة الانتخابات المركزية.

 

لكن ورغم اختلاف الأوضاع التي تسبب اللجوء إلى التزكية كبديل عن صناديق الاقتراع، وفي الوقت الذي يراها فيه البعض ملاذاً آمناً ويراها آخرون رمز استبداد في الاختيار، وسواء أردنا النظر إلى نصف الكأس المليئ أو الفارغ، تبقى التزكية على اختلاف أوضاعها وأسبابها وأماكنها رمزاً للإفلاس السياسي الذي يضع الأفراد واختيارهم على المحك سواء كانت بإرادتهم أم مفروضة عليهم ويجعل التساؤلات حول جدوى إجراء الانتخابات تثار دائماً.

 

سبوت إذاعي حول المشاركة بالعملية الانتخابية


 

فيلم صوتك مُلكك

لجنة الانتخابات المركزية - فلسطين جميع الحقوق محفوظه ©2024
العودة للاعلى